فى ظل مايحدث على الساحة هناك فى فلسطين ؛ أتساءل دائما وأزعم أن هناك الكثيرون معى يتساءلون : كيف يحيون هناك ؟ فلسطينيوا الداخل كيف يتعايشون مع مايحدث لهم ؟ هل هم مثلنا محبطون مع أمل دائم يتراءى لنا فى الأفق أم أنهم أكثر اصرارا ؛؛؛ أكثر أملا ؛؛؛ وأصفى ذهنا ؛ وأنقى حلما ؟!!! هذا ما أتمنى أن يكونو عليه ...
لكن دعونى أخبركم عنى ؛؛ عن مارأيته من فلسطينيى الخارج ؛؛؛
ثلاثة نماذج مختلفة من المؤكد أنها تعبر عن شىء مما يحدث لهم هناك ..
1- النموذج الأول : لن أستطيع أن أخبركم عنهم الكثير لأنى لم أختلط بهم كثيرااا ؛؛ لكن يمكن تلخيصه فى أنهم فلسطينيون لم يعرفوا ماهى فلسطين ؟ يعرفون عنها أقل مما نعرف ؛
يعرفون أنها تلك المكان من أرض العروبة التى احتلتها اسرائيل ؛؛ وفقط ؛
لايهتمون بأكثر من ذلك ؛ يحبون بلدهم ؛ ويأسفون عليها ؛ ويكرهون اسرائيل ؛ لكن لاأكثر من ذلك ؛؛؛ من تعاملى مع ذلك النموذج أدركت أنهم ينقصهم فقط الوعى ؛
أو ربما تذكيرهم بقيمة مايفقدون ؛ تذكيرهم بأرضهم التى تمنيناها أرضنا ؛؛
ووقتها : سيفاجئكم حماسهم ورغبتهم فى فعل أى شىء من أجل وطنهم ...
ستجدون رجالا ونساء حقاااا -
وللأسف كثيرا ممن رأيتهم من فلسطيني الخارج هم هكذا ؛؛؛ ينتظرون أن يوقظهم أحد ما أو شيئا ما ...
2- النموذج الثانى : سأذكر لكم اسما فقط ؛ لأنها واحدة فقط التى رأيتها من هذا النموذج ؛
مها : فتاة جميلة لا تصدق عندما تراها أنها فلسطينية ؛
عندما رأيتها رأيت فتاة شامية ؛ لكن فلسطينية لم أتخيل !!!
تهتم كثيرااا بأناقتها ؛ عطرها ؛ أدواتها ؛ ولم أصدق أذنى حينما أخبرتنى أنها فلسطينية !!!!
قلت : وفلسطين ؟! فأجابتنى : مابها فلسطين ؟
قلت لها : تعيشون هنا طوال حياتك لم تفتقديها ؟!
قالت لى : أنا اذا أردت الذهاب لفلسطين فى أى وقت سأذهب !!! لكنى لاأريد ؛؛
أأترك الحياة المريحة هنا ؟ ولماذا ؟
تجاهلت تعليقها الأخير وسألتها عن الحاجز ؟ وكيف سيدخلون اذا عمرها مادخلت فلسطين ؟
قالت لى : أن أباها يعمل بالتجارة وأنهم يعرفون _ أبو عمار _ شخصيا ( كنا أيامها لايزال عرفات حيا ) ولو أرادوا الدخول لفلسطين سيدخلوها !!!
كنت أيامها أصدق أسطورة كفاح السلطة من أجل أن يوفروا الاستقرار لفلسطين ..
سألتها وكلى شغف : تعرفونه ؟ كيف هو ؟ كيف الناس هناك ؟ كيف يحيون فى ظل الاحتلال ؟
فكانت اجاباتها الساخرة ؟ يحيون أين ياغاليتى ؟
كل رجل فى السلطة أولاده خارج فلسطين يحيا الحياة التى يريدها ؛
وهم يعيشون أفضل من أى شخص هنا ....
تعجبت كثيرا من كلامها ؛؛ لكنى صدقته ؛؛ ولم أدر كيف .... ربما سيخبركم النموذج التالى ...
3- هذه فلسطين : هذا هو نموذجى الثالث : بنت فلسطينية ؛
حينما تراها تدرك ذلك ؛ صفاء ( اسمها ووصفها ) تلك الأخت التى ظلت طوال سنواتى الثانوية أختا لى _ لا أعرف أين هى الآن ؛
ولا ماذا فعلت بها الأيام _ ولكن أقل ما أوقن به أنها هناااك فى فلسطين ؛؛؛
الفلسطينية الوحيدة التى رأيتها تصر على أن تتكلم باللهجة الفلسطينية الصرفة التى لم تغيرها سنوات الغربة ...
تلك الجميلة التى تحكى داائما عن معاناتهم على الحاجز ؛
وتضحك دائما وهى تسألنى : ليش بتعملوا فينا هيك ؟
وأقول لها _ وهى تعلم _ أنه لو الأمر بأيدينا لدخلنا جميعا معهم ؛ لكن ماذا نفعل ؟
وهى تضحك بمرارة وتحكى لى عن أختهم المحاصرة فى غزة _ أيام الحصار _ والتى لم يروها منذ أن تزوجت من 10 سنوات !!!
ذهبت الى أهل زوجها فى غزة الأبية ؛؛ ولم يستطيعوا الحصول على تأشيرة ليروها !!!
10 سنوات ؟ كانت دائما تتساءل : ياترى هل تغيرت ؟
هل كبر أولادها ؟
كانوا يكلموها بالهاتف حين يقدرون لكنهم أبدا لم يروها _ أدعو الله أن يكونو قد رأوها الآن
ونعم الأطفال بحب خالتهم وجدهم وجدتهم الغالية _
صفاء الفلسطينية الوحيدة التى كانت عندما يوشك العام على الانتهاء تحكى وتحلم : ماذا ستفعل فى فلسطين عندما يذهبوا هذا الصيف ؟
كم سينتظروا على الحاجز هذه المرة ؟
هل سيكتفى المصريون بيومان ؟
أم سيمتد الوقوف الى أسبوع أو أكثر ؟! يلتهم ربع الاجازة التى يأخذونها سنويا وأحيانا نصفها ...
دائما ماكنت أعتذر لها وأحاول أن أبرر لها موقفنا - الذى لايبرر_ وكانت دائما تبتسم بمرارة وتؤكد أنهم لايريدون من مصر شيئا ؛ يريدون فقط أن يعبروا لأرضهم ؛؛
صديقتى التى كانت أكثر من عرفت _ فى تلك المرحلة _ حرصا على حجابها ؛
وعلى قيمها ؛ وعلى قضيتها ؛؛؛
تلك التى تربت فى بيت لم ينسى أبدا أين فلسطين فى حياته ؟
تلك التى رأت خالها على شاشات التلفاز محاطا بالدماء وفرحت لأن الله اختاره شهيد ....
تلك صفاء ؛؛؛ الفلسطينية الوحيدة التى عرفتها
__________________