زجاة عطر

[size=16]زجاجة عطر
كان كل شيء هادئاً كما اعتدت عليه
الغرفه بارده الستائر منسدله
وكل شيء مبعثر في الغرفه الملابس الكتب الدمى
نظرت بصمت الى الاشياء المبعثره
اوصدت الباب بقوه دخلت اصدائه الى نبضات قلبي امتزجت معاً لتشكل قوة تخنقني
جلست على سريري منهمك
كانت مناظلة قاسيه
اسندت ظهري الى الجدار
تاهت الافكار في راسي
ولم يته عني
رائحة العطر
ماهذه الرائحه التي يقتلني شذاها
انها تنبعث من تلك العلبه الحقيره
كان فيها شيء مما في الاسماك السوداء الكريهه
التي تعيش في الاعماق
تزحف الى القاع في الظلام الدامس ولاتجروء على ان تطفو الى الاعلى نحو الطبقات المضيئه المشمسه
حيث تمرح الانواع الاخرى اللازورديه و الارجوانيه التي تعيش في الاماكن الضحله
رائحة العطر كانت تقتلني كانت تحكم قبضتها على انفاسي
وكأنها تعجن بقبضتها تلك الالوان البنيه والزيتيه والسوداء والصفراء
ثم تبداء تخربش بأظفارها تلك العصيده الزيتيه التي لم تجف رائحتها بعد عن انفي واحساسي
لتنطلق تلك الرائحه
من علبتها الزجاجيه
كان المنظر على الاقل في نظري
في قمة البشاعه ولكن ظهرت للبعض رائحة النجوم والماء والقصور المعلقه في الهواء
ولي تلك الرائحه البشعه
سأهديك مزيد من الصفعات برقة علبتي
وزجاجتي الصافيه ستوالي عليك الصفعات الى نهاية عمرك
اما رائحتي فلن تتخلى عنك سترافقك اينما تذهبين
بسبب هذه الرائحه الكئبه المبعثه من هذه الزجاجه
امتلاء القلب بقروح متجدده بجانب هذه الالوان الممزوجه برائحة العطر
يالهي ما الذي دهاني انا اشد صلابتة من الحجر
انها هذه الرائحه التي اصبحت تقتلني
اسرعت متجهه نحو النافذه فتحتها
رغم برودة الجو اردت ان تخرج هذه الرائحه القاتله
وكأن الرياح هيا الاخرى تتحداني وكأنها تقول
لا مفر من هذه الرائحه العطريه
لامفر من هذا الشى وهذا العبير
فانا ساحمله منك اليك
لم يكن معي سوى تلك البلورات ظلال حيه تروح وتأتي ورائحة الزجاجه اختزنت في ذاكراتي
وكل ماكان ومضى في هذه الحياه هو ظلال حبه لا يفنى ولن يفنى
مددت راسي من النافذه فأصبحت اشتم الين في اقسى الروائح
عاشت هذه الرائحه العطريه ولم تنتهي كما تنتهي الفلسفه والكبرياء بعض عناصر هذه الرائحه بزجاجته الغبيه
تناولت الزجاجه وقذفت بها بعيدا من النافذه
انسكب العطر وانفصل عن البلورات الزجاجيه وكأن في نفس كل منهما حديث يهم ان يفضي به الي لتتفرق
وترحل معها الامها
ولكن ما حدث هو العكس ازدادت الرائحه
واشتد العبير علي وكاد يقتلني ولم ارى سوى شريط ذكرى لساعتين ماضيتين وكانه يتكرر مجدداً
ذكرت كلماته وهمساته ورائحة عطره
شعرت بصدري يضطرم وبدمعي ينهمل وكأنه يحكم قبضته علي
وكأني اطلق انفاسي الاخيره
مضيت وانا اشتم رائحه اعرفها هذه الرائحه كثيراً
هذه الرائحه كانت تلازم ماضي مات بداخلي
كلما تقدمت خطوه ازدادت الرائحه
توقف ياعقلي انه يخيل الي انني اعرفها
وكنت اساق الى مشنقة القدر
ورائحة العطر هي حبل المشنقه تزداد حده
كانت الرائحه تذهب مع الرياح وتزداد انتشارا وقوة
والشذى يغشى الوجود ويداعب الغصون والشظايا التي تبعثرت هنا وهناك كاوردة تفتحت وتهدلت وانا في ذبول مستمر
محكمة قبضتها على انفاسي
يالهي مازلت اشتم رائحة العطر الكريه
كنت
اشد برودة من الثلج
كنت كالحجر في صلابته فهنيا لي على هذه الحياه الخاليه من المشاعر
وانا متاكد ة انني ساتجرع مرارة الحرمان في تبدد هذه البلورات
ستكون حياتي اشبه بموت بطيء
ورائحة العطر تفوح من سكناتي وهمساتي وحركاتي
ماذا يهم انا راضيه بحياتي
دون مشاعر فان افضل ان اموت مختنقه بشذا عطرك على ان اموت بقربك
نعم انا كالحجر او اشد صلابه منه
ولم تغيرني عوامل التعريه
كيف اشعر وانا حجر بنفس كبريائي وكبرياء هذه الرائحه كيف انسى وانا بلا مشاعر
وهي تقتلني ولا تدعني لثانيه
همست الي تلك الشذرات العطريه قائله
سأكتب هنا
دمتي بالحب هذا ان وجد
عباره ظلمتيها كثيرا
عبارتي اليتيمه حتى هي فاح العطرمنها
الا ترين انها مليئه بالالم لم لاتكتفين بادمت بالحب
قلت ان وجد لك ولا امثالك ولرائحة عطرك

واستبدلتك بالحزن والالام المغلفه برائحتك
جعلتني هذه الرائحه في تلك الزجاجه
لوحة زيتيه بشعه منمقه بأنات الحياه
جعلتني سمكة سوداء كريهه قابعه في الاعماق
لا ينبعث مني سوى رائحة زجاجة العطر