قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-:
«الاستشارة عين الهداية، وقد خاطر من استغنى برأيه، والتدبير قبل العمل يؤمنك من الندم».
الشورى من عزائم الأحكام وقواعد الشريعة، أَمَرَ الله -عز وجل- بها نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- ليستظهر برأي أصحابه، ويعرف صواب الأمور وأحْكَمَهَا بما يُدلون به من اجتهاداتهم، فقال تعالى: ? وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ ? [آل عمران: 159].
قيل: أمَرَ الله -تبارك وتعالى- نبيه -صلى الله عليه وسلم- بمشاورة أصحابه -رضي الله عنهم- مع كمال رأيه وتدبره ليستنَّ به من بعده.
وكان هذا هدْيَ الأنبياء فقد رُوي عن سليمان بن داود -عليهما السلام- أنه قال لابنه: (يا بني لا تقطع أمراً حتى تشاور مرشداً، فإنك إذا فعلت ذلك لم تندم).
وكان هدياً للصالحين أيضاً، فعن الإمام أحمد بن حنبل أنه كان لا يدع المشورة إذا كان في أمر حتى إن كان ليشاور مَن دونه، وكان يقبل مشورة مَن لا يُتَّهَم من أهل الدين والنسك، وكان إذا شاوره الرجل اجتهد له رأيه وأشار عليه بما يرى من صلاح.
وفي فوائد المشاورة يقول ابن الجوزي:
- إن المشاور إذا لم ينجح أمره علم أن امتناع النجاح محضٌ قدر فلم يلُم نفسَه.
- إنه قد يعزم على أمر يتبين له الصواب في قول غيره فيعلم عجز نفسه عن الإحاطة بفنون المصالح.
ولله در من قـال:
إِنَّ اللَبيبَ إِذا تَفَرَّقَ أَمـرُهُ فَتَقَ الأُمورَ مُناظِراً وَمُشاوِرا
وَأَخو الجَهالَةِ يَستَبِدُّ بِرَأيِهِ فَتَراهُ يَعتَسِفُ الأُمورَ مُخاطِرا.